"العقارية" إلى الانتظام بعد رفدها بأساتذة.. معرواي: تبديل الموظفين لن ينفع والحل بالمكننة
بعد سنة على إعادة فتح الدوائر العقارية ومعاودة نشاطها إثر إقفال شبه كلي جراء التحقيقات القضائية والتوقيفات التي طالت عشرات الموظفين، عاد موضوع عدم انتظام العمل في الشؤون العقارية إلى واجهة الاهتمامين الرسمي والشعبي، وتحديدا بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف الحكومة.
وفي السياق، كان لافتا إشارة موسومة بجرأة غير معتادة من أهل السلطة، كشف وزير المال ياسين جابر في إطلالته التلفزيونية الأخيرة أنه تسلم قبل يومين معاملة عقارية عائلية، يعود تاريخ تقديمها إلى سنتين، معللا ذلك: "يمكن لأني صرت وزير".
تصريح الوزير، معطوفا على مناشدات المواطنين المطالبين بحل معضلة تتسبب بالكثير من الإرباكات القانونية والمالية للناس وللمطورين العقاريين، وتحجب عن الدولة مئات المليارات التي تنتظر دورها للدخول في حساب الخزينة، كلها تؤكد المؤكد. فـ"الدجاجة" التي تبيض للخزينة ذهبا ليست بخير، فيما أكبر أبواب عائدات الدولة، هي أكثرها ضمورا وهدرا بسبب التقاعس في رفدها باللازم من الموظفين، وإبقائها خارج العصر التكنولوجي الحديث الذي يوفر الكثير من العمل والموارد البشرية وهدر الوقت.
وبرغم التحقيقات القضائية في الفساد في الدوائر العقارية العشرين التي تنتشر على مساحة البلاد، تستدعي وظيفة "العقارية" في تنظيم الملكيات الفردية للمواطنين، وتحديد الحقوق وتحريرها، وإستيفاء حقوق الدولة ورسومها وغيرها، خطة حكومية طارئة. خطة تعيد تنشيط فاعلية هذه الدوائر، وتحرير أصحاب المعاملات والحاجة من "الابتزاز" الذي يكمن خلف الفوضى، والإفادة التي تحتاج إليها الخزينة بقوة من العائدات المالية الضخمة التي تنتظر من يستوفيها.
125 أستاذا إلى "العقارية"
في الانتظار، يأمل المدير العام للشؤون العقارية جورج معراوي عودة الانتظام إلى الدوائر العقارية كافة بعد انتداب نحو 125 مدرسا من ملاك التعليم الأساسي والمهني، لملء الشغور في الدوائر العقارية بعدما بلغت نحو 73%. هؤلاء الأساتذة كان قد طلبهم وزير المال السابق يوسف الخليل من وزارة التربية عبر مجلس الوزراء لسد النقص الهائل في أعداد الموظفين في المديرية العامة للشؤون العقارية، والذي يؤدي إلى تراكم المعاملات العقارية وتأخير إنجازها، بما ينعكس سلبا على أصحاب العلاقة والدولة بسبب عدم إمكان استيفاء الكثير من الرسوم.
وفي انتظار توزيعهم على الدوائر، وتحديدا جبل لبنان التي تحتاج إلى نحو 60 موظفا، سيخضع هؤلاء لتدريب عملي كمحررين وكتّاب ومدخلي معلومات في 20 مركزا جغرافيا مختلفا للدوائر العقارية، على أن تعود هذه الدوائر إلى العمل خلال أقل من سنة.
وفيما جاء إقفال الدوائر العقارية على خلفية ملفات فساد ورشى، كان اللافت أن بعض الموظفين لا يزالون يقبضون الرشى مقابل إنجاز معاملات ملحة للمواطنين، من هنا يعتبر معرواي أن "تغيير الأشخاص لن ينفع، ولا حل لهذه المعضلة التاريخية التي بدأت مع تأسيس الدولة اللبنانية، إلا بتغيير نظام العمل في الدوائر كافة، والانتقال إلى المكننة الشاملة وإجراء معاملات المواطنين عن بعد من دون الحاجة إلى زيارة دوائر الدولة ومؤسساتها".
ولا يخفي أن "ثمة مشروعا لمكننة الدوائر العقارية، لكن التمويل يبقى عائقا، علما أن المكننة الشاملة في هذه الدوائر لا تكلف أكثر من 10 ملايين دولار". وإذ يشير إلى أنه "لو خصص 5% من الأموال التي أنفقت على الفيول لمكننة بعض إدارات الدولة لكان الوضع مختلفا كليا"، يعوّل على الحكومة الحالية لتغيير النمط السائد.
ووفق معراوي فإن غالبية المعاملات المتراكمة أنجزت، مع الأخذ في الاعتبار أن عددا من الدوائر العقارية لا تستطيع استيعاب كميات كبيرة من المعاملات نتيجة قلة الموظفين، لذا نعمد إلى تحديد أيام معينة لاستيعاب المعاملات العالقة وإنجازها". ويشير إلى أنه عام 2024 دخل الخزينة نحو 10 آلاف مليار ليرة من الدوائر العقارية، علما أنه قبل الأزمة المالية كانت تصل المداخيل من الدوائر كافة إلى نحو 800 مليون دولار سنويا.
كيف يتأثر القطاع العقاري؟
يعاني القطاع العقاري جمودا في الفترة الأخيرة، زاده حدة عدم انتظام العمل في الدوائر العقارية وتحديدا في جبل لبنان والمتن، وفق ما يؤكد نقيب الوسطاء والاستشاريين العقاريين وليد موسى. ويشير إلى "آلاف المعاملات العالقة وغير المنجزة، قدّرها البعض بنحو 50 ألف معاملة". ويبدو موسى متفائلا بمعالجة المشكلة، مستندا في ذلك إلى تصميم وزير المال ياسين جابر على وضع الأمور في مسارها، وكذلك تطمينات معرواي الذي أكد في لقاء مع نقابة الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان (REAL) أن الأمور ستتحسن في القريب العاجل، بعدما تم انتداب عدد من موظفي وزارة التربية إلى الشؤون العقارية.
ويختم موسى بأن "عودة الشؤون العقارية إلى مسارها الطبيعي أمر أساسي للقطاع، إذ لا يمكن جذب المستثمرين من دون أن يكون في الإمكان إنجاز معاملات نقل الملكية وغيرها من الملفات".
سلوى بعلبكي- "النهار"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|